ماجد أحمد الزاملي يكتب | المشاركة السياسية الشعبية

0 338

تشكل المشاركة السياسية حجر ص للديمقراطية الذي قد تختلف أشكالها ومظاهرها من مجتمع إلى مجتمع آخر، ولكنها (أي الديمقراطية) تظل في جوهرها كمًا واحدا. وتوجد المشاركة في كافة الأنظمة السياسية على اختلافها وإن كانت بالطبع تبدو أكثر وضوحًا وصراحة في التعبير عن نفسها في ظل الأنظمة الديمقراطية العريقة التي تتيح مساحات أكبر من الحرية واحترامًا لمنظومة حقوق الإنسان وانتخابات دورية حرة وتنافسية ، وبالتالي تتيح قدرًا كبيرًا لمشاركة المواطن بشكل فاعل في الحياة السياسية، وبالقدر الذي يهم المدافعين عن مشاركة أكبر فإن المشاركة الحقيقية في عملية صنع القرار سوف يجعل هذه القرارات أكثر علاقة بالحاجات الحقيقية للمشاركين، وبالتالي أكثر تقبلا من جانبهم. تعد المشاركة السياسية أحد الأبعاد المهمة لتحديد السلوك السياسي للأفراد، كما أنها أحد المحاور الأساسية في مجال اهتمام علم السياسة ,والعلوم الاجتماعية وعلم النفس السياسي، وتتفق الدراسات والآراء على تأكيد الدور الإيجابي للفرد في الحياة السياسية من خلال حق الترشيح أو التصويت في الانتخابات، أو الاهتمام بالقضايا والأمور السياسية ومناقشتها مع الآخرين، أو العضوية في المنظمات.. إلخ؛ فهي محاولة للتأثير على متخذي القرار. والمشاركة عملية إرادية واعية وتأكيد للحق الديمقراطي لأفراد المجتمع، وهي ركيزة أساسية من ركائز الديمقراطية، لأنها تعني ممارسة الشعب لحقه في حكم نفسه بنفسه. والمشاركة السياسية لا تعني مشاركة كل المواطنين في كل الأنشطة والمجالات السياسية المختلفة في كل الأوقات فحسب بل تعني مشاركة أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع في هذه الأنشطة والمجالات، بقدر ما تسمح به استعدادات هؤلاء الأفراد وقدراتهم وميولهم. وتتوقف ممارسة الفرد لسلوك المشاركة السياسية على توافر القدرة والدافع لدى الفرد، والفرص التي يتيحها المجتمع بتقاليده وأيديولوجياته، وكذلك الظروف التي تحددها طبيعة المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي السائد في المجتمع، ومن هنا تبرز أهمية التنشئة ودورها في خلق سلوك المشاركة وتكوينه، إذ أنها تزود الفرد بالمثيرات التي يستقبل من خلالها قيم المشاركة، وكلما كثرت هذه القيم ازداد احتمال مشاركة الفرد في الأنشطة والمجالات المختلفة وازداد عمق هذه المشاركة. من هنا، فإن المشاركة السياسية في أي مجتمع هي محصلة نهائية لجملة من العوامل الاجتماعية الاقتصادية والمعرفية والثقافية والسياسية والأخلاقية؛ تتضافر في تحديد بنية المجتمع المعني ونظامه السياسي وسماتهما وآليات اشتغالهما، وتحدد نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية ومدى توافقها مع مبدأ المشاركة الذي بات معلمًا رئيسيًا من معالم المجتمعات المدنية الحديثة، المجتمعات التي أعاد العمل الصناعي وتقدم العلوم والتقنيات والمعرفة الموضوعية والثقافة الحديثة بناء حياتها العامة وعلاقاتها الداخلية، على أساس العمل الخلاق، والمبادرة الحرة، والمنفعة والجدوى والإنجاز، وحكم القانون، في إطار دولة وطنية حديثة، هي تجريد عمومية المجتمع وشكله السياسي وتحديده الذاتي. بعبارة أخرى، المشاركة السياسية مبدأ ديمقراطي من أهم مبادئ الدولة الوطنية الحديثة؛ مبدأ يمكننا أن نميز في ضوءه الأ نظمة الوطنية الديمقراطية التي تقوم على المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، من الأنظمة الاستبدادية الشمولية أو التسلطية التي تقوم على الاحتكار. تتطلب المشاركة ضرورة توافر عدد من العوامل التي تزيد من فاعليتها وتضمن بقاءها واستمرارها، وتساعد على تحقيق أهدافها بما يدفع بمعدلات التنمية الشاملة. وأهم هذه المتطلبات:
للجماهير مثل الخدمات والمسكن الملائم والصحة والتعليم- ضرورة ضمان توفير المتطلبات والاحتياجات الأساسية وفرص العمل وحرية التعبير وغيرها من الاحتياجات التي تحقق الإشباع المادي والنفسي للإنسان، ويتيح له قدرًا من الاستعداد للمشاركة في الحياة العامة داخل وطنه.
الوعي: إما عن طريق سعي الأفراد لبلوغ هذا القدر المطلو ب من المعرفة، أو عن طريق الوسائل المختلفة لتكوين الرأي العام داخل المجتمع مثل المؤسسات الحكومية العاملة في مجال الإعلام والثقافة والتعليم أو المؤسسات غير الحكومية، كالنقابات المهنية والعمالية أو الجمعيات الخاصة، والاتحادات بالإضافة إلى الأحزاب السياسية. في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع تمثل – الشعور بالانتماء للوطن، وإحساس المواطنين بأن مشاركتهم واجبًا تفرضه العضوية في هذا الوطن. وفاعلية هذه المشاركة وسرعة استجابة المسئولين، يعمق من- الإيمان بجدوى المشاركة : فإحساس المواطن بأهمية المشاركة شعوره بجدوى مشاركته ومردودها المباشر على تحسين صورة حياته وحياة الآخرين داخل المجتمع. الجيد عن الخطط والأهداف ومدى مواءمتها لاحتياجات- وضوح السياسات العامة المعلنة وذلك يتأتى من خلال الإعلام المواطنين. – صنع وتنفيذ السياسات العامة، وإتاحة الفرصة لدعم ذلك. إيمان القيادة السياسية واقتناعها بأهمية مشاركة الجماهير من خلال ضمان الحرية السياسية وإتاحة المجال أمام الجماهير للتعبير عن آمالهم وطموحاتهم ورأيهم في قضايا مجتمعهم ومشكلاته ومناقشة تصريحات المسئولين والقوانين العامة سواء داخل البرلمان أو عبر الصحف وفي الندوات العامة، وفي ظل مناخ آمن ودون تعرضهم لأي مسائلة قانونية . والأساليب المتنوعة لتقديم وعرض الآراء والأفكار- وجود التشريعات التي تضمن وتحمي المشاركة وكذلك الوسائل والاقتراحات بوضوح تام وحرية كاملة، ومع توافر الأساليب والوسائل والأدوات التي تساعد على توصيل هذه الأفكار والتي تضمن وصول هذه المشاركات لصانع القرار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.