حسن الشامي يكتب | أهمية المشاركة السياسية

0 220

كانت المشاركة السياسية مقتصرة في الغالب على أثرياء القوم، أما الأغلبية الساحقة فكانت بعيدة عن المشاركة، ومنذ مطلع عصر النهضة حتى القرن السابع عشر بدأ الاتجاه نحو مزيد من المشاركة السياسية، وبلغ ذروته أثناء الثورة الصناعية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل:
1ـ التصنيع ونمو المدن وازدياد التعليم والذي ترتب عليه ظهور قوى اجتماعية جديدة (عمال ـ تجار ـ أصحاب مهن حرة) استشعرت في نفسها القدرة على تشكيل مصيرها فطالبت بجزء من القوة السياسية.
2 – ظهور الدعوات التي حمل لواءها المثقفون من فلاسفة وكتاب وصحفيين والتي تنادى بقيم المساواة والحرية والمصلحة العامة بشكل أدى إلى تغذية المطالبة بمشاركة أوسع في العملية السياسية.
3 – التطور في وسائل النقل والمواصلات والاتصالات والذي أدى إلى انتشار الأفكار الجديدة حول الديمقراطية والمشاركة بسرعة وسهولة نسبية.
4 – الصراع بين القيادات السياسية. ففى ظل التنافس على السلطة تناضل القوى المتصارعة في سبيل كسب التأييد الشعبي وهذا في حد ذاته يعطى الشرعية لفكرة المشاركة الجماهيرية.
5 – التدخل الحكومي المتزايد في الشئون الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والذي أصبحت معه الحياة اليومية للأفراد تتوقف على أعمال الحكومة بصورة حاسمة، وبدون الحق القانوني في المشاركة السياسية يصبح الفرد بلا حول ولا قوة في مواجهة الحكومة التي قد تضر بمصالحه. من هنا كانت المطالبة بمنح الحقوق السياسية للأفراد وتهيئة إمكانية ممارستها بفاعلية، وذلك للحد من سطوة الحكومة ونفوذها.
وتختلف مسميات المشاركة. فهناك من يطلق عليها المشاركة الجماهيرية وهناك من يسميها المشاركة الشعبية أو المشاركة العامة.
تعنى تلك الأنشطة الإرادية التي يقوم بها المواطنون بهدف التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر في عملية اختيار الحكام أو التأثير في القرارات أو السياسات التي يتخذونها. كما قد تعنى المشاركة السياسية العملية التي يلعب الفرد من خلالها دوراً في الحياة السياسية لمجتمعه وتكون لديه الفرصة لأن يسهم في مناقشة الأهداف العامة لذلك المجتمع وتحديد أفضل الوسائل لانجازها، وقد تتم هذه المشاركة من خلال أنشطة سياسية مباشرة أو غير مباشرة.
وترتبط المشاركة السياسية في الغالب بوجود النظام السياسي الذي يعرف درجة مرتفعة من المشاركة في مؤسساته المختلفة فالمجتمع الذي تدار مؤسساته الاجتماعية والاقتصادية على أساس سلطوي لا يسمح ولا يشجع على المشاركة السياسية لإفراد مجتمعه. والمجتمع الذي تدار مؤسساته المختلفة الاجتماعية والاقتصادية وفقاً للأسس الديمقراطية فإنه يفرض ظهور النظام السياسي الديمقراطي بمعناه الحقيقي والذي يعتمد على التعددية الحزبية، ويكفل تحقيق الاستقرار السياسي.
تؤثر المشاركة على الأفراد وعلى السياسة العامة للدولة.. فعلى مستوى الفرد تنمى المشاركة فيه الشعور بالكرامة والقيمة والأهمية السياسية وتنبه كلا من الحاكم والمحكوم إلى واجباته ومسؤولياته وتنهض بمستوى الوعي السياسي. كما أنها تساعد على خلق المواطن المنتمى الذي يعد عماد قوة وعافية الجسد السياسي.
وعلى صعيد السياسة العامة تجلب المشاركة أعظم خير لأكبر عدد من الأفراد اذ أنها تدفع الحاكم إلى الاستجابة لمطالب المواطنين وتسهم في إعادة توزيع موارد المجتمع بشكل أكثر عدالة.. ومن ثم حيث يؤدى ازدياد عدد المشاركين إلى مزيد من العدل الاقتصادي والاجتماعي عن طريق قيام الحكومة بإعادة توزيع الدخل والثروة.

* حسن الشامي: رئيس الجمعية المصرية للتنمية العلمية والتكنولوجية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.