محمد عطية يكتب | التنمية المستدامة .. التوعية بالمفهوم

0 969

ساد الاعتقاد عند الدول النامية والصناعية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بأن الموارد موجودة بشكل غير محدود في الطبيعة، وتعاملوا معها على أساس أنها بضائع حرة وليس لها قيمة ، الأمر الذي شجع على استغلال هذه الموارد وإهدارها أكثر فأكثر وفي عام 1972 انعقدت قمة الأمم المتحدة المعنية بالبيئة بمدينة ستوكهولم ، حيث ناقش هذا المؤتمر للمرة الأولى القضايا البيئية وعلاقتها بواقع الفقر وغياب التنمية في العالم، وتم الإعلان عن أن الفقر وغياب التنمية هما أشد أعداء للبيئة، ومن ناحية أخرى انتقد هذا المؤتمر الدول والحكومات التي لا زالت تتجاهل البيئة عند التخطيط للتنمية. وقد صدر عن هذا المؤتمر أول وثيقة دولية تضمنت مبادئ العلاقات بين الدول والتوصيات التي تدعوا كافة الحكومات والمنظمات الدولية لاتخاذ التدابير اللازمة والمناسبة من أجل حماية البيئة وإنقاذ البشرية من الكوارث البيئية، ومن هنا بدأ العالم يفكر في مفهوم التنمية المستدامة.
يستند ظهور مصطلح التنمية المستدامة إلى تقرير لجنة (برونتلاند) تحت عنوان “مستقبلنا المشترك” عام 1987 والذي صاغ أول تعريف للتنمية المستدامة، والذي كان على النحو التالي: “التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة”.
حيث شهد مفهوم التنمية تطورًا كبيرًا وكان العالم له اعتبارات ومفاهيم كُثر خلال العقود السابقة، ففي عقد التنمية الأول الذي تبنته الأمم المتحدة (1960-1970) اقترن مفهوم التنمية بالنمو الاقتصادي مثل الدخل القومي والدخل الفردي، وفي العقد الثاني للتنمية (1970-1980) اكتسب مفهوم التنمية أبعادًا اجتماعية وسياسية وثقافية بجانب البعد الاقتصادي، وخلال عقد التنمية الثالث (1980-1990) اكتسب مفهوم التنمية بعدًا حقوقيًا وديمقراطيًا يتمثل في المشاركة العامة في اتخاذ القرارات التنموية، أما عقد التنمية الرابع فقد شهد نقلة نوعية في مفهوم التنمية، حيث تأكد مفهوم التنمية المستدامة بشكل واضح في إعلان (ريو) لعام 1992 الذي تضمن مبادئ تدعو إلى ضرورة تحقيق العدالة بين الأجيال في توزيع الموارد الطبيعية.
إن ظهور التنمية المستدامة أدى إلى القضاء على الاعتقاد أن الاهتمام بالنمو يؤدي حتمًا إلى الإضرار بالبيئة؛ والعكس عندما يتعلق الأمر بتطبيق السياسات البيئية التي من شأنها تقليص مستويات النمو الاقتصادي.
التنمية المستدامة لا تتحقق إلا بالاندماج والترابط الوثيق بين ثلاثة أبعاد أساسية، وهي: البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي; البعد الاجتماعي: يكون النظام مستدامًا اجتماعيًا في تحقيق العدالة في التوزيع، إيصال الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم إلى محتاجيها والمساواة في النوع الاجتماعي والمحاسبة السياسية والمشاركة الشعبية. البعد الاقتصادي: فالنظام الاقتصادي المستدام هو النظام الذي يتمكن من إنتاج السلع والخدمات بشكل مستمر، وأن يحافظ على مستوي معين قابل للإدارة من التوازن الاقتصادي ما بين الناتج العام والدين العام، وأن يمنع حدوث اختلالات ناتجة عن السياسات الاقتصادية. البعد البيئي: فالنظام المستدام بيئيًا يجب أن يحافظ على قاعدة من الموارد الطبيعية ويمنع الاستنزاف الزائد للموارد المتجددة والناضبة.
تسعى الدول إلى ترسيخ مجموعة من القيم تهدف من خلالها إلى إيجاد مورد بشري فعال يحافظ على بيئته ويتعايش معها، بحيث يجعلها أولوية من أولويات حياته، ولهذا يجب علينا جميعًا تنمية ثقافتنا وسلوكنا وزيادة الوعي بمفهوم التنمية المستدامة، ذلك لأننا نعيش في كوكب محدود الموارد، وعلينا أن نعرف كيف نعيش تحت السقف الإيكولوجي، الذي يضمن ديمومة الموارد ويحددها.

مصادر
https://www.maan-ctr.org/magazine/article/2524/
https://jsec.journals.ekb.eg/article_114125_83e3070415fcb4dc46ca7f8c8f18c540.pdf

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.