عبد الغني الحايس يكتب | مئوية عيد الاستقلال

0

مائة عام مرت على تصريح 28 فبراير 1922، والذي نص على إنهاء الحماية البريطانية على مصر، وبذلك أصبحت مصر دولة مستقلة ذات سيادة، وتحولت من السلطنة المصرية الى المملكة المصرية. وتم تشكيل لجنة لصياغة الدستوروالتى أخرجت لنا دستور 1923 في عهد وزارة عبد الخالق ثروت.
يجب أن لا ننسى دور الحركة الوطنية وتضافر جهود الشعب المصرى وتماسكة وكفاحه الطويل ،للمطالبة بالاستقلال من الإحتلال البريطانى وخلع عبائة التبعية عن السلطنة العثمانية .والتى انهزمت فى الحرب العالمية وتم انهاء الخلافة العثمانية وهنا كانت بداية لجولات طويلة من الكفاح للحصول على الاستقلال وانهاء الإحتلال البريطانى .وذلك عبر السفر الى مؤتمر الصلح فى باريس 1919 ،عندما ذهب سعد ورفاقة للمندوب السامى البريطانى فى مصر للسماح لهم بالسفر لعرض قضية مصر فى المؤتمر ،وهنا رفض المندوب السامى بدعوى انهم ليس لهم الحق فى التحدث باسم الشعب المصرى ،فظهرت فكرة جمع التوكيلات فى كل ربوع مصر مما جعل المندوب يقوم بالقبض على سعد ورفاقة اعضاء الوفد ونفيهم الى جزيرة مالطة وكان نتيجة ذلك اندلاع ثورة 1919 .
كانت ثورة 1919 علامة مهمة في النضال الوطني واتسمت بكونها ثورة شعبية تعبر عن جموع المصريين. وعلمت إنجلترا أنها أمام ثورة شعبية شاملة لذا سارعت بتعديل ما فعلته ، وقد تمثلت التعديلات في الإفراج عن سعد ورفاقة والسماح لهم بالسفر للمؤتمر فى باريس برغم اعتراف دول المؤتمر بالحماية على مصر وارسالهم لجنة ملنر للتفاوض مع الشعب ،ولكن ظل سعد يكافح ويواصل ضغوطه لرفض لجنة ملنر ومقاطعتها من جميع أفراد الشعب ،حتى يأس ملنر وانه لامناص امامة سوى التفاوض ،وبدأت مفاوضات سعد ولجنة الوفد مع ملنر وكان سعد يسعى الى الغاء الحماية البريطانية عن مصر واعلان استقلالها ولكن بريطانيا تريد اعطاء مصر استقلال شكلى منقوص بتدخلاتها من خلال حماية الأجانب والأقليات وحرمان مصر من اقامة علاقات مع أى دولة اخرى ،وامام رفض سعد اعتقل للمرة الثانية ونفى الى جزيرة سيشل .واستغلت بريطانيا اقصاء سعد واعلان تصريح 28 فبراير 1922 والذى هاجمه سعد ووصفه بأنة اكبر نكبة على البلاد ،ووصف اللجنة المشكلة للدستور بلجنة الأشقياء .
بتفنيد التصريح سنجد ان الاستقلال الممنوح لمصر استقلال اسمي فهذا التصريح يعطى لبريطانيا الحق فى فرض الحكام العرفية ويحرم مصر من تكوين جيش مصرى ناهيك عن تدخلاتها فى الشئون المصرية كافة بكل الذرائع.
أهم ما في تلك الفترة الثرية هو قيام التجربة الثانية من تاريخ الأحزاب السياسية والتى نعتبرها درة التجارب السياسية أو مايطلق علية العهد الليبرالى.
يعتبر الوفد أكبر أحزاب هذه المرحلة وأكثرها ارتباطا بثورة 1919 حتى أصبح ممثلا للأمة بقيادة سعد باشا زغلول. أخذ الوفد طابع الحزب بالمعني التنظيمي بعد الانتخابات البرلمانية 1924. وكان قبل ذلك مجرد تجمع وطنى للتصريح للمفاوضين للتفاوض مع الانجليز عندما جمعوا توكيلات تعطيهم الحق فى التفاوض.
كان للوفد شعبية كاسحة تستطيع الفوز بأى انتخابات لكن كره الملك فؤاد ومن بعده فاروق للوفد جعلهما يزيحانه أحيانا عن الحكم.
للأسف بدأت الانشقاقات مبكرًا بحزب الوفد. وكانت أهم النتائج التي أسفرت عنها هذه الانشقاقات هو ظهور العديد من الأحزاب التي حرصت بدورها رغم انشقاقها عن الوفد على تأكيد صلتها بثورة 1919 وانتسابها لها.
كان حزب الأحرار الدستوريين عام 1922 برئاسة عدلي يكن. وتشكلت الهيئة السعدية في أواخر عام 1937 اعتراضا على توقيع الوفد معاهدة 1936 وتكونت بزعامة أحمد ماهر باشا ومحمود فهمي النقراشي الذي حرص الأخير على اظهار ارتباطه الوثيق بزعيم تلك الثورة سعد زغلول، ومن هنا كانت تسميته بالهيئة السعدية وتسمية اعضائه بالسعديين. كما ظهر في نفس السياق حزب الكتلة الوفدية نتيجة انشقاق السكرتير العام لحزب الوفد والرجل الثاني فيه مكرم عبيد. وهناك أحزاب أخري لم تنسب الي الثورة مثل الحزب الوطني، وأحزاب أخرى نشأت في ارتباط مع الملك والقصر مثل حزبي الاتحاد والشعب.
ظهور جماعات وتنظيمات ذات طابع ايديولوجي مثل جماعة الإخوان المسلمين وحركة مصر الفتاة والتنظيمات الشيوعية.
ندين بكل التحول التي شهدتها مصر إلى ثورة 1919 التي جمعت الشعب المصري قاطبته وكان لها الفضل في إلغاء الحماية البريطانية على مصر، وإصدار تصريح 28 فبراير 1922، وصدور دستور 1923. وكلها ظروف ساعدت على التطور السياسي والاجتماعي. وتعتبر تلك الفترة ثرية بما فية من نضوج وثراء فكرى وسياسى وكان يطلق عليها العهد الليبرالى وقد انتهت تلك التجربة بقيام بحركة الضباط الأحرار.
لنا أن نشعر بالفخر لكفاح الشعب المصرى لنيل حريتة واستقلاله ومرور مائة عام اليوم على ذلك التاريخ برغم كل التحفظات التى اخذت على التصريح الا أن مصر اصبحت دولة مستقلة لها سيادة.
يسعى حزب العدل الى اقامة احتفالية كبرى اليوم في مقره الرئيسي احتفالًا واحتفاءً بذكرى مائة عام على ذكرى الاستقلال. تحيا مصر وعاشت مصر حرة مستقلة ناهضة قوية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.