رامي جلال يكتب | الاقتصاد البرتقالي بدلًا من اقتصاد البرتقال

0 131

“رمضان السكري” هو اسم أحد أبطال مسرحية “العيال كبرت”، وقام بدوره الفنان حسن مصطفى. اختلط الأمر على أحدهم وناداه باسم مختلف وهو “رمضان أبو صُره”، وهو الرد الذي صار مثلًا عبر الزمن: “أهو كله برتقال”، باعتبار أن السكري وأبو صُرة من أنواع البرتقال.
“أهو كله برتقال” جملة تساوي “طولها زي عرضها” أو “أحمد زي الحاج أحمد”. لكن بعض الأمور في حياتنا ليست كلها برتقال، مثل الاقتصاد البرتقالي، وهو ليس اقتصاديات محصول البرتقال مثلًا، بل هو اقتصاد معرفي ثقافي قائم على الإبداع.
الاقتصاد البرتقالي هو سلسلة من الأنشطة التي تسمح بتحويل الأفكار إلى منتجات ثقافية اقتصادية، والواقع أن هناك ما يمكن تسميته بـ “الفوضى الأكاديمية” فيما يخص استخدام مصطلح الاقتصاد البرتقالي، لأنه كمصطلح له الكثير من المضامين أبرزها تلك الثقافية والإبداعية. وعادة ما يتم الاستخدام العشوائي لعدد كبير من المصطلحات وكأنها تعبر عن الشيء نفسه. عمومًا ما يعنيني من هذا الاقتصاد، في السياق المصري، هو الصناعات الإبداعية والثقافية والتراثية التي تزخر بها مصر في كل شبر من أراضيها.
أصل القصة أن هناك اثني عشر لونًا مختلفًا للاقتصادات، منها الاقتصاد الأزرق (إدارة اقتصاديات الموارد المائية)، والاقتصاد الأخضر (الاقتصاد المستدام)، والاقتصاد الذهبي (اقتصاديات الطاقة النظيفة)، والاقتصاد الرمادي (الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية)، والاقتصاد الأسود (النشاطات غير المشروعة).. وهكذا
يعود ظهور مصطلح الاقتصاد البرتقالي على الساحة الدولية لأول مرة إلى عام 2013 حينما صدره كتاب “الاقتصاد البرتقالي فرصة لانهائية” لكاتبين من كولومبيا هما “فيليبي بويتراجو” و”وايفان دوكي ماركيز”. ومن الطريف إنه تم اختيار اللون البرتقالي لهذا النوع من الاقتصاد لأن هذا اللون هو الذي ‏استخدمه قدماء المصريين كصبغة في الكتابة الهيروغليفية والزخارف
يمثل الاقتصاد البرتقال 6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بإيرادات تصل إلى حولي اثنين تريليون دولار، ويوفر 50 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. وتشمل الصناعات الإبداعية والثقافية، والتي يشار إليها أيضًا باسم الاقتصاد البرتقالي تلك الصناعات التي ترجع أصولها إلى الإبداع الفردي والمهارات والموهبة التي لديها القدرة على خلق فرص العمل والثروة من خلال توليد واستغلال القدرات الفكرية. ولقد تم الاعتراف بشكل متزايد بأهمية الاقتصاد البرتقالي لقدرته على خلق فرص العمل وزيادة التماسك وتشجيع الابتكار والمساهمة في رفاهية المجتمعات، لأنه يفترض القيم التجارية والثقافية. كما تم الاعتراف بأهميته في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الاقتصاد البرتقالي يذيب فارق الإمكانيات بين الدول، فهو فرصة للنمو والتنمية وخلق فرص العمل ليس فقط للبلدان الصناعية، ولكن أيضًا للبلدان النامية، وفي هذا الصدد، أدت خصوصية الأعمال الإبداعية والثقافية إلى عدم وضوح التمييز بين البلدان المتقدمة والنامية، بمعنى أن إمكانات الاقتصاد البرتقالي في مختلف البلدان لا ترتبط بشكل مباشر بمستوى الدخل والمقاييس الأخرى المستخدمة فحسب، وبالتالي، قد يمثل الاقتصاد البرتقالي فرصة مثيرة للاهتمام لخلق الثروة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، تم تصور الصناعات الإبداعية والثقافية كمحرك للوظائف خاصة للشباب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.