سمر عمرو تكتب | مجتمع محكمة الأسرة

0 627

لا يمكن أن ننكر أن المجتمع المصري استقبل التوجيهات الرئاسية بصياغة قانون جديد للأحوال الشخصية بارتياح كبير، ولم تقتصر ردود الأفعال فقط على الأمهات اللواتي عانين في الحصول على مستحقاتهن وحقوق أبناءهن سواء في أثناء الزواج أو بعد وقوع الطلاق أو الخلع، وإنما شمل الارتياح قطاعات عده في المجتمع وتباينت تفاعلات الأطراف المعنية في ردود أفعالها تجاه توجيهات السيد الرئيس، فقد جاء بعضها مطالبًا بمقترحات للتعديلات وفقًا لتجربته الخاصة ومن منظور ضيق جدًا لا يتجاوز تجربتهم الذاتية، وذلك بسبب قلة حيلة الطرف الأضعف العاجز عن اثبات حقوقه المشروعة، وجاءت أخرى اتسم تناولها لتلك التوجهات الرئاسية بكثير من الموضوعية مستندة إلى معايير واضحة أسسها القانون الجديد، تأتي في مقدمتها الحفاظ على حقوق الأبناء ، ثم تمكين الحاضنة من رعاية صغارها، ثم حماية حقوق الأب وعائلته في الرؤية والاستضافة.. وفي حقيقة الأمر كل طرف منهم على حده تطرق لمعاناة استنفذت ماديات وطاقات بل وسنوات عمرهم في دائرة الخلافات والصراعات التي أدت إلى تناحر داخل الأسرة الواحدة وتطورت في بعض الحالات لتصل لحد الثأر بين العائلتين.

بعد تحديد محاكم لشئون الأسرة، ونظرا للكم الهائل من الخلافات الأسرية، نرى ولادة مجتمع جديد ألا وهو “مجتمع محكمة الأسرة”.
إذا سردنا نوعية وحجم الأضرار المادية والمعنوية التي انتجها مجتمع محكمة الأسرة، سوف نحتاج لآلاف النماذج الدرامية أسوة بـ (فاتن أمل حربي). وأحدث ما استوقفني هو رغبة الأطفال في الهروب من تجاربهم القاسية وذكرياتهم المؤلمة في مرحلة عمرية حديثة جدا، بالتفكير في السفر خارج حدود وطنهم، ليعوضوا ما فاتهم من معيشة هادئة واستقرار نفسي، لك أن تتخيل جدية الموقف، فالقضية تطورت لتصل لمشاعر الانتماء!! ولأن ذكريات الطفولة ترتبط بالمكان، وتثبت بعقولهم بدءًا من أركان منزلهم، الحي الذين يعيشون فيه مرورا بالمواقف السيئة والمهينة التي يتعرضون لها، ومع تكرار تلك المواقف، يثبت بأذهان تلك الضحايا كل ما تعرضوا له بعنصر المكان، وبدلًا من انتظار جيل جديد ينهض بوطنه، نرى جيل ضحية يفكر أن يفر سريعًا، بحثًا عن الأمان والاستقرار بعيدا عن معاناته الذي لم يكن سببًا فيها ولكنه طرف أصيل بكل تفصيلية فيها!!
نأمل أن يحمي القانون جميع الأطراف بدءًا من النص التشريعي الذي يلائم عصرنا الحالي، مرورًا بوجود آلية منصفة لسرعة تنفيذ الأحكام النهائية وهو الأمر الذي سيعيد للأسرة المصرية قيمها وعاداتها القائمة على أساس من الود والاحترام المتبادل وبما يساهم في خلق جيل من الأبناء تخرج على يد أسر يسودها الحب والاحترام وبما ينعكس على المجتمع بصفة عامة إذا كنا نؤمن حقا أن الأسرة نواة المجتمع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.